الاثنين، 5 مايو 2014

الحصاد


كنت منهمكة في عمل ما ووجدت أبي يأتي من الخارج ويحمل ابنة عمتي الصغيرة التي تسكن مع أسرتها في الطابق الذي تحتنا قائلاً" لقد سمعت  الصغيرة صوت خطواتي فناداتني لأصطحبها"..
 لم أعلق سوى بابتسامة؛ فأنا أعلم أبي جيداً ليس له صبر على الأطفال، وفي الغالب يعتقد أنه أسدى إليَّ خدمة حينما آتى بالصغيرة هنا، حيث أنه مازال يتذكر أنني في الماضي البعيد كنت أحب الأطفال أما الآن فقد كبرت حقاً واهتماماتي تنوعت وسرعة الحياة لا تجعلني أهتم بهذه الأمور الصغيرة - هو طبعاً لا يعلم عني شيئاً معلوماته متوقفة عن حياتي في صغري- فهم أنني لا أرغب فيها فدخل بها لغرفة التلفاز وكالعادة تركها وانهمك في قراءة الجريدة الأزلية
- وددت لو أعلم ما المغري في قراءة الجرائد القومية بهذا التركيز-
أكملت ما كنت أقوم به وفجأة سمعت صوت شيء تكسر ،ذهب تفكيري إلى أنه كوب زجاجي.
لم أهتم؛ أكيد الصغيرة أسقطت كوباً فانكسر، وأبي معها بالداخل سيتولى رعايتها جيداً.
سمعته  يخبرني بصوت عالِ "لقد أصيبت الصغيرة في يدها وهي تنزف الآن" لم أهتم.
وحينما أعاد كلامه من جديد رددت عليه بقولي" وما المطلوب مني فعله"؟
وقمت لأرى ماذا حدث، فقد شعرت للحظة باحتياجه لمساعدتي.
فقال لي" الزجاج دخل في إصبعها ".
أردت أن ألومه على اصطحابها ولكني اكتفيت بقولي" نزلها لأمها فهي ستعلم جيداً كيف تعتني بها أما أنا فليس لدي خبرة طبية كافية".
لم يهتم بقولي، أو لعله استنكر أن ينزل الصغيرة وإصبعها ينزف.
فوجدته متوتراً يحاول أن يحبس النزيف  تارة بقطعة قطن، وتارة بمنشفة يزيل بها الدماء،
ثم أعطاني لاصقة طبية وطلب مني أن أضعه لها، فككته بسهوله ووضعته لها بحرفية، وأخذت الصغيرة لأغسل لها أثار الدماء من قدمها ووجهها؛ حيث أن الإصابة كانت في يدها، ولكن غزارة الدماء مع حركة الصغيرة العشوائية جعلتها تبدو كمن كانت بجوار جزار في المذبح.
ثم سلمتها له مجددا وتركتهما وانصرفت لأكمل ما كنت أقوم به.
وبداخلي أعتذر لأبي..
فهذا نتاج تربيتك لي؛ فأنت دوماً لم تجعلني أقوم بفعل ما مهما كان بسيطاً.. دائماً تشكك في قدرتي على القيام بأي فعل وكأني صاحبة إعاقة.
فعلى سبيل المثال إذا أردت أن أقطع التورتة التي صنعتها تأخذ المقطع من يدي بعدما تعلق بأنني حتما سأفتت القطع..
وإذا أردت أن أقسم الكيك لأحشوه مربى أخذت مني السكين مُدعياً بأنني حتما لن أستطيع فعلها.
وهكذا في كل شيء وخاصة إذا ما كان عندنا ضيوف.
فسامحني الآن لم أتوقع أنك لن تستطع أن تلصق بلاستر في أصبع الصغيرة.
أما عن جفائي فهذا ماربيتني عليه.. لا أذكر أن اهتممت يوماً بمرضي أو وجعي لأي سبب كان.
أنت دائماً تنساني وتنسى احتياجاتي والأغرب أنك تهتم بابنة عمتي بحجة أنها تذكرك بي وأنا صغيرة!.
ولكن هي ليست ابنتك وعليك أن تدرك هذا أنا من هي ابنتك ولي عليك كل الحقوق التي تتجاهلها بضراوة.
عامة ليتك تعلم بأن وجود الصغيرة هنا لايروقني فلها أم وأب واخوة يتولون رعايتها أما أنا فلا طاقة لي برعاية أحد.

-تمت-

ليست هناك تعليقات: