الخميس، 28 مارس 2013

وجع اليأس



أصابتها نوبة الذكريات فأشعلت بداخلها ما ظنت يوماً أنه مات.
سنين قريبة مضت ولكنها بمثابة قرن.
سقوطها من فوق الجسرإثر انهياره المفاجئ..آلام الحادث وكأنه الآن.. لحظة ارتداء الجبيرة.. الشعور بالعجز.. دموع تأبى النزول  .. الترفع عن الصراخ حفاظاً على كبريائها المزعوم.. معاناة الألم فى صمت بمعناه الحرفي.
تتلهف لمن يطمئنها بأن الكسر سيجبر وبأنها ستستعيد الحركة من جديد..
لم تجد سوى هزة رأس مع ابتسامة باهتة وجملة قاتلة عكس ما تبدي: " الأمل فى ربنا كبير".
بكل يأسها استمدت القوة حتى لا تحتاج لمساعدة .. تكره أن يُمرضها أحد كما تكره أن تُمرض أحد.
لم يُخلق من يهزمها بعد.- تواجه ذاتها بتحدِ صارم-.

تحسن طفيف، استطاعت الوقوف.. تمشى على عكازين ، ثم عكاز واحد، ثم أطاحت به ناسية وفائه لها.
ترى بقية الأحداث سريعاً وكأنه شريط سينمائي يقوم بتمريره أحدهم منتظراً بلهفة لقطة معينة.
سيارة سريعة تصدمها فترفعها إلى أعلى ،على آثرها سقطت سقطة عنيفة حتى سمعت فرقعات فقرات ظهرها.. كانت الوقعة أشد بكثير من الحادث الأول- أو هكذا خيل لها-  انكسرظهرها،و لم تستكمل شفاءها بعد.
ومع تداعي الذكريات بقسوة موحشة يفاجئها مالم تكن يوماً تتوقعه.
عليها أن تستأصل جزءاً من جسدها خلال شهرين.
وقع الخبر عليها كالصاعقة.. سيل من الدموع لم يتوقف.
"كيف سأعيش هكذا؟ لماذا لايوجد علاج؟. خذوا من الأموال ما شئتم واتركوا لى جسدي كاملاً".
حاولت التأقلم مع الوضع ،وتخيلت الاستئصال قد تم بالفعل، فشعرت بانهيار سلامها النفسي، وارتدى خاطرها ثوب الحداد بعد أن تعرت روحها.. رأت نفسها كالمحارب الأعزل فى المعركة.
وعادت للسؤال كيف سأعيش؟.
إثر سوء حالتها الواضحة تم التعامل معها بالمُسكنات حتى تأتى اللحظة القاتلة.. تهدأ قليلاً وتعيش اللحظة وتحاول أن تنسى القدر المحتوم ..
 تتساءل "متى النهاية؟".
يتعاملون معها بتجاهل الأمر وكأن هذا سيلغي وجوده بالفعل.
وتتعامل فى صمت كالعادة؛ فالطبطبة تؤلمها أكثر وكلمات الرثاء لن تفيد.
فما أصعب الإحساس بالموت وأنت على قيد الحياة.
تخور قواها أخيراً مُعلنة الاستسلام. رافعة الراية البيضاء بأنها انهزمت فى اختبارات الحياة.. لم تتوقع أن يصبح رأسها يوماً تحت سيف اليأس.
 لم تعد لديها الرغبة فى البقاء.. تتمنى نومة بلا صحوة.
تتمنى أن تقف عقارب الساعة وتتوقف الأيام ؛ حتى يأتي سريعاً مشهد نزول الستار على فيلم حياتها.

بداخلها تعلم بأن الموت لن يأتي وأن عليها المواجهة وأنها ستعيش ولكن فى المساحة الرمادية المهملة بين الحياة والموت.

- تمت-.

هناك 12 تعليقًا:

eng_semsem يقول...

يبقى المل مفتاح الحياه وان فقد فلا توجد حياه
تحياتي

شمس النهار يقول...

:))
كده علي الصبح

طبعا كالعادة صياغه رائعه
لايسع السليم عند قرائتها الا ان يقول الحمد الله الذي عافاني
تسلم ايدك ياموناليزا

Mahmoud Bahgat يقول...

لم أجد كلمات تعبر عن الموقف فاحيانا تهجرنا اللغة فى المواقف الصعبة فيكون الصمت أبلغ من أى كلام
تبقى الإرادة و قدرة الانسان على التكيف مع الواقع هو الأمل

افكار مبعثرة يقول...

و ما اقساه من وجع حين ترفع راية الاستسلام و تشعر انك ميت على قيت الحياة تقف منتظرا النهاية بل و متعجلها لعلها تاتي و تنهي هذا الامل
مبدعة كعادتك
تحياتي

رؤى عليوة يقول...

وتحمل لنا الحياه ما لم يكن فى الحسبان
لكن دائما علينا الرضى والإستمرار وان كان مرا فالصبر من اسمه

اما عن الحاله النفسيه خاصة لمن لم يتعود على ان يمرضه احد فهى من اصعب الأوجاع والله فى عون كل من يمر بهذه الحاله

قلبتى الموااااااجع يا منى

اما عن الاسلوب يكفى انه نقلنا للحاله
بسيط لكنه رائع وموحى


دمت بخير

جنّي يقول...

السلام عليكم

قصة جميلة رغم ما غلفها من اليأس .. واليأس لا يجعلنا نعيش في المنطقة الرمادية بل في ظلام كظلام القبر ..
علينا أن نعيش ونبحث عن الأمل والتفائل وان بقي في العمر لحظة على الا ننسى اصحاب الوفاء لنا حتى ولو كان عكاز ..
تحيتي

zeze يقول...

دائما هناك امل في الله
واكبر نعمة من الله هي الرضا بقضاء الله
اللهم احفظ علينا نعمة الصحة والعافية
بارك الله فيكي حبيبتي

الغاردينيا يقول...

ربما كان أفضل لو قلت ..
انهيار الجسر المفاجئ وهي عليه ..
فهذا يعطي احساس مرعب اكثر :)
أحببت القصة شعرت فقط بأنه من الممكن استبدال بعض الكلمات لمنح القصة عمق أقوى مثلا يتعاملون معه بتجاهل الامر ... لو أنك قلت مباشرة يتعاملون معها بلا مبالاه و كأن هذا هو الحل أو مثلا قلت مباشرة يتجاهلون الأمر لكان أفضل

تحية صباحة خميسية ههه

مصطفى سيف الدين يقول...

اتفق مع الغاردينيا في نعليقها
القصة جيدة لكنها كانت تحتاج إلى عمق أكبر
ربما كنتِ تحتاجين أن تتقمصي شخصيتها أن تري بعينيها أن تصفي الحادث كما رأته و أن تصفي شعورها كما آلمها
القصة كما قلت جيدة لكن أشعر أنك لديك أفضل
دمتِ على طريق الابداع

Islam Khalid يقول...

موضوع رائع تسلم الايادي
http://cairomax.com

النسر المهاجر يقول...

الموضوع جميل حقا

وأرى أنه طالما يوجد بالجسد روح وعقل فهو قادر على صنع المعجزات فى اى مرحله سنيه

مروه زهران يقول...

ربنا يسامحك يا منى .. قلبتى عليا المواجع .. أنا مريت بالمراحل دى كلها بكل أحاسيسها .. كأنك بتكتبينى مع فروق بسيطة .. ويمكن أكتر فرق انى مش عندى ارادة زى صاحبة القصة .. أو يمكن كان عندى وتعبت .. ومش بقول لنفسى زيها ان عليا المواجهة وانى لازم أعيش لأنى مش بفكر أصلا .. بقى عندى تبلد فى الاحساس هههههه أو بقدر أعمل كنترول لأى مشاعر جوايا فبحس بالرضا.. وأكيد دى نعمة من ربنا عشان أستمر .. الحمد لله
ما شاء الله عليكى كتابتك للقصة بأحاسيسها بالظبط رائعة .. زى ما قلتلك قبل كده كل ما بتكتبى أكتر السينس عندك والذكاء الوجدانى بيزيد وده بيكون حلو لما يتحس لما نقرأ قصة
معلش بقى مش هينفع أعلق هناك فى الفيس فقلت أقلك رأيى هنا ومعلش انه جه متأخر .. وزى ما قلتلك أنا متابعاكى دايما وبستمتع بكتابتك بس أنا فاشلة فى النقد .. فسامحينى بقى