الخميس، 21 أكتوبر 2010

من غير ميعاد

إرتدت عباءتها البني وطرحتها البيج الطويلة، وهيأت نفسها إستعدادًا للخروج؛ فاليوم هو عيد زواجها الأول.
تعلم جيداً مهام زوجها،عمله الذى يستمر ساعات كثيرة كطبيب بيد أنه وعدها سابقًا بأن هذا اليوم سيكون لها وحدها, وقتها قالت له:" لن أكون طماعة، سأستولى على ربع اليوم فقط ، سأمر عليك قبل صلاة العشاء لكي نصليها سويا في مسجد السيدة نفيسة الذي شهد على أول يوم أصبحنا فيه زوجين"  
وبعد أن ألقت نظرة على نفسها في المرآة لتتأكد من هندامها.. ذهبت إلى المطبخ ،ألقت نظرة على التورتة داخل البراد، تأكدت بأن الطعام مغلف جيداً بورق الفويل؛ ليحتفظ بسخونته حين عودتهما.. ثم دخلت غرفتها لتطمئن على وضعية الأشياء فيها.. ففيها سيتم الإحتفال الرئيسي بعد الصلاة في المسجد.. أطمأنت على وجود العطر المميز في الفواحة التي تعطر الغرفة، مجموعة من الورود المنفردة التي نشرتها في جميع الأركان، حرصت على وجود ألبومات الصور التي ضمتهم سويًا طوال عام كامل.. ولم تنسى الهدية المغلفة بعناية وفوقها شريط الزينة الخاص بها الذي يبرز كارت في مقدمة الشريط كتبت فيه أرق الكلمات وأعذبها, ثم نظرت على السرير لتجد فستان السهرة الخاص بها مع حذائه السواريه- حتى ترتديه سريعًا فور دخولهما المنزل- وأيضا بدلته المحببة لها.. حتى يكون الإحتفال وكأنه في أجمل الفنادق.. أتمت على إكتمال كل هذه الأشياء وقالت لنفسها:" ترى سيكون فاكر أم أن مشاغل عمله أنسته؟.. لقد هاتفته اليوم  كعادتنا لكنه لم يأتي لي بسيرة عن التاريخ ..حتى لم يهنئني بقول كل سنة وأنتي طيبة" 
أغلقت باب الشقة خلفها وهي تدعو :" يارب لا تجعله يخيب أملي".
-------------------------
وصلت إلى المستشفى وصعدت الطابق المخصص له، حينما رآها السكرتير إستأذن الطبيب الذي سمح بدوره بدخولها على الفور.. فتح لها باب دخول غرفة زوجها الخاصة والذي تحوي بداخلها غرفة أخرى خاصة بالكشف.
نظرت له وعيونها تتحدث قائلة:" ترى هل تدري لمَ أتيت؟".
وكأنه قرأهما فرد عليها مبتسماً قائلاً:" خشيت أن تنسي" .
وهنا مدت يدها لتعانق يده وضحكت قائلة:" وهل يُعقل أن أنسى يومنا هذا.. أجمل يوم في عمري الذي جمعنا الله فيه بالحلال.. كل عام وأنت بخير يا حبيبي"  وهمت أن تحيط عنقه بذراعيها..
ولكنه قاطعها قائلاً بصوت منخفض:"  لدي مريض بالداخل ، سأنتهي من الكشف عليه ثم أتفرغ لكِ تماما" 
بدت على ملامحها الضيق قائلة:" أنت تعلم بزحمة الطريق في مثل هذا الوقت..كان عليك أن تؤجل هذا الكشف لغدًا" .
رد عليها قائلاً بعيون حانية:" في الحقيقة خشيت أن تكوني نسيتي وهذا المريض معه موعد منذ شهرين .
لم ترد.. ولكنه لمح نظرة ضيق في عينيها، وغضب صامت على ملامح وجهها.. تركها ودخل غرفة الكشف فسمعته يقول للمريض:"أنا آسف جداً لأني لن أستطيع الكشف عليك الآن فهذا الوقت خاص بزوجتي".
لم تسمع صوت المريض بماذا يرد على زوجها ولكن زوجها استرد قائلا:" أمامك إختياران.. الأول:أن تؤجل الكشف وتأتي في الميعاد الذى سيحدده لك السكرتير.. والثاني: أن تخرج لزوجتي وتستأذن منها أن تأخذ من وقتها ربع ساعة".
لم تتوقع أن تسمع زوجها الطبيب المشهور يقول هذا الكلام ..فابتسمت وهي تتوقع أن ينصرف المريض ..
ولكن زوجها خرج يسبقه بخطوات قائلاً لها:" سيأتي بنفسه يستأذنك".
نظرت له مبدية تعجبها من هذا الموقف الذي وضعت فيه، ثم ما لبثت أن تلاشت نظرة التعجب بنظرة أخرى تحمل الدهشة والضيق والغضب وأشياء أخرى كثيرة لم تستطع تفسيرها.. ففي هذه اللحظة رأت آخر شخص تتمنى رؤيته، وفى هذا اليوم تحديداً. ومر أمام عينيها عدة مشاهد ..
ففي مثل هذا اليوم منذ قرابة خمسة أعوام كانت تمر بأسوأ أيام حياتها بسببه.
تذكرت كم من المرات التي مرضت نفسياً وجعل هذا يؤثر على جسدها من خلال أفعاله غير الآدمية معها.
تذكرت تصرفاته المهينة لها ورفضه لاصطحابها للطبيب و كم كان يتركها بين الحياة والموت ولولا رحمة الله بها لكانت في عداد الأموات .
كم من المرات كان ينهرها إذا سمعها تتأوه ليلاً وهي تغفو جواره من شدة آلامها الجسدية وتستيقظ على صوته المرتفع الغاضب الذي يحذرها بالويل إذا لم تكتم هذا الصوت؛ فهو يريد أن ينام.
كم من المرات التي كان يتعمد  إذلالها إذا ما اشترى لها دواء لكي يعطيه لها، وكأنها لم تكن زوجته ولها حق عليه.
كم من المرات التي كان يحبسها داخل غرفتهما ويخرج دون أن يهتم كيف تشرب أو تأكل أو حتى تدخل الحمام.
كم كان يتذرع لها الحجج حتى يشب معها مشاجرة بلا سبب منطقي.
كم من المرات التى كان يشترط إذا ما أرادت أن تذهب للطبيب أن تأخذ أمه معها رغم معرفته الجيدة بأنها لا تقبل هذا الوضع وكأنه بهذا يرضي ضميره؛ فهو قد عرض عليها الذهاب وهي رفضت. كم تمنت الموت على أن تناولها أمه كوباً من الماء.
كم كان قاسيا معها ويقابل كل مشاعرها المخلصة بكل فتور ولا مبالاة.
تذكرت كم من المرات التي ذهبت فيها إلى مركز الشرطة بسببه، وكم من الأسئلة التي توجهت لها وهي المجني عليها وليست الجانية بعد أن سرقها وزور إمضائها.
تذكرت كم أصبحت سيرتها على كل لسان وهي من تعشق الخصوصية.
وكيف اتهمها تارة في شرفها وتارة أخرى في أنوثتها وهي بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب من كل هذه الإفتراءات وكم.... وكم...
أفاقت من شرودها الملحوظ على صوت زوجها الحبيب قائلا:" ها يا حبيبتي رأيك إيه؟".
- تمت-.
سؤال جانبى:
ـــــــــــــــــــــــ
لو أنت مكانها هتعمل إيه؟ وياترى هتقول لزوجها ولا لأ؟
وياترى طليقها كان بيفكر في إيه؟.
ولو زوجها عرف حقيقة هذا المريض ومدى تعذيبة لزوجته وحبيبته فى الماضى هيتصرف معاه إزاى؟



هناك 15 تعليقًا:

صفحات وأقلام يقول...

مش عارفة لو مكانها اعمل ايه بس تحمد ربنا انه رزقها بزوج صالح يعوضها تعذيب الاخر والعفو عند المقدرة



بس قصة حلوة اوى

أنا - الريس يقول...

بعد السلام والتحية
اما بعد
احتمالية حدوث مثل هذا نادر جدا .

ولكن معلش في الكلمة ازاي هيا بتحب جوزها ومصرحتوش بحاجة كانت في حياتها بل بالعكس دا خدت جزء كبير من عمرها ..
وانا من جوزها أصلا اكيد هضايق منها حتي لو بحبها .. ومش هكون طايق المريض بس هشكف عليه واقوله لو سمحت معنتش تيجي هنا .

لكي اللي عملته غلط بتخبيتها علي جوزها .

موناليزا يقول...

صفحات وأقلام
ـــــــــــــ
أهلا بيكِ فى زيارتك الاولى
أشكرك جدا لرأيك
نورتى مدونتى وفى انتظارك دائما


--------------------------------


مستر بريزيدنت
ـــــــــــــــ
أهلا بيك يافندم
ماتستبعدش حاجة فى زمننا هذا فما يحدث على أرض الواقع أغرب من هذا بكثير

أما عن رأيك فى أنها خبت عليه
أنا بس عايزة أوضح أنها كانت مُطلقة وطبيعى زوجها الجديد عارف ده بس اللى مايعرفوش شكل طليقها

دمت طيبا ولمدونتى زائرا

The illusionist يقول...

ايييييييييييييييه

هو انتى دايما بوستاتك بتعجبنى

حرام يا ستى مش كده
كده كتير
غصب عنى باجى وبرد وبعلق حتى لو متأخر
بتكتبى حاجات بتمس النفس علطول مباشره
والله التدوين لسه فى ناس بخير وبتفهم

The illusionist يقول...

اه اه

هعلق استنى

لو أنت مكانها هتعمل إيه؟

واضح انها متدينه ومحترمه جدا
وبالتالى هتوفق مع بعض الضيق اللى مش هتبوح عنه
بس هى احسن منه


وياترى هتقول لزوجها ولا لأ؟
واعتقد فى الحاله دى مش هتقوله فى اليوم ده عشان متفسدش فرحتهم فى حين ان فرحتها شبه باظت

وياترى طليقها كان بيفكر في إيه؟

مصدوم بس

.
ولو زوجها عرف حقيقة هذا المريض ومدى تعذيبة لزوجته وحبيبته فى الماضى هيتصرف معاه إزاى؟

هيديله بستين الف جزمه وهيهزأه بس مراته هتمنعه وهتهديه لان صعب الواحد يحتفظ بهدوءه فى موقف زى ده
واقل حاجه هيطرده واليوم هيبوظ برضو

صيدلانيه طالعه نازله يقول...

اعتقد ان انسانه بالرقه و العذوبه دى صعب انها تكون قاسيه و تقابل الاساءه باساءه
هيا حتسمحله انه يتم الكشف عليه لانها مبتعرفش تكره
و من جواها عارفه ان ربنا انتقم لها اشد الانتقام ممن عذبها فى يوم من الايام

Unknown يقول...

السلام عليكم..

1- الجزء الأول رائع في الوصف... الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة في وصف مشاعرها ووصف كل جزء من إعداداتها للاحتفال يدفع القارئ دفعا للدخول إلى الأحداث بنفسه والشعور بما تشعر به البطلة من بهجة وسعادة غامرة..!

2- نفس الأمر ينطبق على الجزء الخاص بوصف مشاعرها أثناء الفلاش باك في ذهنها... يجعل القارئ أيضا يشاركها مشاعر البغض والمرارة كما شاركها من قبل الفرحة والسعادة..!

3- الصدفة في هذا الموقف ليست صعبة الحدوث كما قال (مستر بريسيدنت)، بل هي من الصدف المقبولة في عالم القصة..

4- جميلة النهاية المفتوحة.. أو ربما هي نهاية من عينة (قصة تكملها أنت...).. في الحالتين هي تشغل العقل وتدعو إلى التأمل..

5- أعتقد مما ظهر من شخصيتها المتدينة أنها تستطيع كتمان مشاعرها عن زوجها والسماح بكل بساطة له بإجراء الكشف، وإلقاء كل هذا وراء ظهرها وهي خارجة من الغرفة.. ولتنظر إلى الأمام .. إلى احتفالها المقبل مع زوجها الحبيب.. إلى مستقبلها الذي عُوِّضت به خيرا عن ماضيها المؤلم...!

6- مقومات القصة القصيرة واضحة جدافيما كتبتِ:
* بداية جاذبة.
* عبارات مركزة وقصيرة.
* وصف دقيق لمشاعر البطل والمكان المحيط.
* تصاعد في الأحداث إلى الذروة أو الـClymax..
* إنهاء مفاجئ للأحداث بعد الوصول إلى الذروة.
----------------
ملاحظات شكلية:
1- ورد خطأ - بالتأكيد غير مقصود- في عبارة (تحيط ذراعيها بعنقه)... الصحيح (تحيط عنقه بذراعيها).. أقولها فقط للتعديل.

2- أنت اخترتِ السرد بالفصحى والحوار بالعامية.. من حقك، لكن واضح من انفعالك بأحداث القصة وأنتِ تكتبينها (وأنا شبه متأكد من ذلك) انجرفتِ أحيانا بالسرد من الفصحى إلى العامية.. فلزم التنويه.

--------------
تحياتي أختي الكريمة.

كلمات من نور يقول...

يا نهار ألوان الطيف
لو أنا مكانها حافكر بقلبي والا عقلي يا ترى؟ عقلي حيقولي نو واي وارفض اديله فرصه يكشف وووو...انما قلبي طيب حايقوله داه مريض اساسا من يوم جوازنا وهو مريض ( زوج مش طبيعي خالص )

بس اعتقد اني حاقول لزوجي الحالي : اه لازم تكشف على زوجي السابق يا حبيبي يعني حعرفهم ببعض (:

أو حاقوله : من حق المريض علينا إنه يخف و بكده زوجي السابق جايز يفهم الدرس ...

زوجي بقى حتى لو عرف فهو طبيب و أخلاق وقسم الطبيب تجعله يقوم بما يمليه عليه ضميره


انا تهت ومنفعش اكون مخرجة ....بس القصة صعبه وموجعه....تسلم الايادي يا موناليزتي الحلوة

P A S H A يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي في الله
بجد بارك الله فيكي جميل جدا الجزء الأول حلو قوي تسلم إيدك عليه .. بس مش عارف ليه وأنا باقرا كنت خايف القصة تقلب دراما لحد ما لقيتها فعلا بتتحول روحت موقف قرايه :-)
مش عارف دي تعتبر قلة ذوق مني إني أقول لك كده ولا لأ ؟
أثق جدا في كتاباتك وأحترم اطروحاتك النبيلة في موضوعاتك واستثمارها في مناقشات مفيدة جزاكي الله عنها كل خير وجعله في ميزان حسناتك اللهم آمين
بس أنا حبيت احتفظ بوقع تأثير جمال الجزء الأول واستمتاعي بيه دون تشويش أو إرهاق ذهني
وحبيت أشكر حضرتك عليه ومش باقلل والله من قيمة البوست أو بانتقدك لا سمح الله .

شاكر جدا لسعة صدرك وباعتذر عن الإطالة

خالص تحياتي وعميق احترامي وتقديري ‏‎ ‎

غير معرف يقول...

بجد قصة جميلة

AHMED SAMIR يقول...

اولا هي قصة رائعة
الافضل للجميع هو تجاهل الموضوع تماما
و اعتبار هذا الشخص كأي مريض
و بالتالي يكشف عليه و ينتهي الموضوع
لتستأنف حياتها الطبيعية
تحياتي

الطائر الحزين يقول...

(أن تحيط عنقه بزراعيها)
أن تحيط عنقه بذراعيها
- من تحملت منه كل هذا لن تكون من القسوة ان تمنع عنه الكشف
- نعم تقول لزوجها بعد اتمام الليلة
- واجب الطبيب ليس له علاقة بالعواطف ولو تصرف معه تصرف ضد اخلاق المهنه سيكون أثم

غير معرف يقول...

عجبني أوي الموقف ده........ يامه.. تخيلي لو بجد فعلا :)

انا لو مكانها هوافق واخرج على طول استنى بره.. لاني متأكدة انه هيبان على وشي حاجة

منمن.... بحبك
آه وربنا ^_^

مها ميهوووو

غير معرف يقول...

الكلام الواقعي
الرد هيكون
مش مشكلة أنا هنتظر ربع ساعة

أما في الأفلام
ستضايق و تنفعل و تترك المكان

موناليزا يقول...

أهلا وسهلا بجميع السادة الحضور
بشكركم جدا جدا لرأيكم فى القصة وفى البطلة وسعيدة بمشاركتكم
وشكر خاص للاستاذ ماجد القاضى وملحوظاتك على دماغى يا فندم وبتسعدنى وبتفيدنى دايما
وشكر للطائر الحزين وتم التصحيح وبشكرك جدا لتنبيهى

ماحرمنى الله من تواجدكم
نورتونى جميعا وفى انتظاركم دائما